الفصل رقم ٢٠: Satisfaction

الفصل رقم ٢٠: Satisfaction

الجمعة ٢٦ أبريل ٢٠١٣ – الساعة ١:٥٠ ص

 

وصلت مارينا ١ ومشيت اتجاه شاطئ السيارات. لفيت بالعربية من عند parking الseagull ودخلت يمين ناحية شاطئ السيارات مروراً بكوبري الsea gull.

 

Flashback – صيف ٢٠٠٦ – إجازة تانية جامعة

الSeagull

 

الصيف دخل، فأنا طبعاً رايح جاي على مارينا، مينفعش weekend يفوتني. الweekend دا أنا وصحابي بتوع المدرسة طالعين عندي في الchalet. السفرية دي أول سفرية نسافرها مع بعض من ساعة ما “أحمد” صاحبنا توفى في حادثة عربية مؤلمة جداً في يناير ٢٠٠٦، ربنا يرحمه ويغفر له.

 

بعد ما أحمد الله يرحمه ما مات كلنا اتهزينا، وتقريباً كلنا كان رد فعلنا أننا ننتظم في الصلاة ونسمع عمرو خالد، واللي عرف يبطل حاجة حرام كان بيعملها بطلها. لكن بعد أسبوعين كل الناس رجعت لحياتها القديمة، معادا أنا..

 

أنا الوحيد اللي كان عندي نزعة دينية من قبل وفاة أحمد الله يرحمه، من أيام رمضان  ٢٠٠٣ وثانوية عامة. صحيح كنت عايش حياتي cocktail lifestyle، بس كان في اتصال متقطع بيني وبين ربنا. عشان كدة، وفاة أحمد الله يرحمه أثرت فيا اوي وحسستني بمدى التناقض اللي كنت عايش بيه حياتي، ولأول مرة بقيت فعلاً بدور على حد يقولي إيه الحلال وإيه الحرام بدل ما أنا بقعد أئلف من دماغي وآخد الدين بس أني أصلي عشوائي وبكروتة وأسمع قرآن في عربيتي كل ما أزهق من الأغاني.

 

أول حاجة حصلت لي بعد كدا هيا أني عرفت داعية أسمه “مصطفى حسني”. كان لسة مش مشهور على المستوى الإعلامي. أخويا – اللي كان عرفني علي مشاري راشد ود. عمرو خالد – عرفني عليه وقالي روح احضر الدرس بتاعه وهيعجبك اوي. طبعاً ساعتها مكنتش فاهم يعني إيه “درس دين”، كنت فاكر أن شيخ يتكلم في المسجد بيكون بس في خطبة الجمعة. المهم رحت في المعاد مسجد يوسف الصحابي يوم الأربعاء بعد العشاء زي ما أخويا قالي، لقيت شاب لابس t-shirt quicksilver وساعة swatch وقاعد بيتكلم وحواليه شباب بتسمعه، قعدت معاهم. كانت أول مرة أحضر درس دين، كانت تجربة جديدة تماماً عليا، وكانت رائعة. عجبني أسلوبه فبقيت أحضر له بس بشكل متقطع.

 

تاني حاجة بدأت أستخدم النت، اللي كنت بتابع عليه أخبار الcinema والmusic industry والcelebrities، في أني أقرب لربنا. من كتر ما عجبني الشيخ مصطفى حسني عملت له fan group على Facebook، وبما أني كنت geek من أوائل أعضاء facebook في مصر فكان عندي صحاب كتير فعملت لهم invite والجروب كبر بسرعة وبقى من أهم مصادر أخبار الشيخ مصطفى وبقيت على أتصال مع الorganisers بتوع دروسه ومحاضراته وكدة.

 

بس الصراحة بسبب الماضي بتاعي اللي ساب في شخصيتي حاجات غلط كتير فضلت عندي انفصام في الشخصية وكملت حياة الcocktail اللي كنت عايشها. صحيح لأول مرة بدأت أقرب لربنا أكتر ما ببعد عنه، بس مازلت بعمل حاجات مينفعش أبداً يعملها حد معتبر نفسه متدين.

 

السبب في كدا أني كنت لسة مش فاهم يعني إيه إلتزام وأنه زي أي حاجة في حياتنا ليه أصول، بس أصوله بتتبني عليها حياتنا مش بنحطها كدة في الأماكن الفاضية. للأسف فضلت أعامل الدين زي أي حاجة عادية في حياتي، كنت بديه وقت بحيث أني أبقى في علاقة مع ربنا، لكن مش وقت كافي. وما دمت بعوض الحاجات الحرام اللي بعملها بأعمال صالحة يبقى الدنيا هتمشي، وبعد كام شهر من وفاة أحمد بطلت أحضر لمصطفى حسني وبعدها بطلت أصلي في المسجد وبقيت شايف أن كفاية اوي أني لسة بصلي ٥ صلوات في اليوم وسعات بسمع قرآن في عربيتي لأن باقي أصحابي كلهم بطلوا يصلوا ومبيحطوش CDs قرآن في عربياتهم أصلاً..

 

ودلوقتي الصيف دخل وكانت النتيجة الطبيعة لحياة الcocktail اللي انا عايشها أني مع أول weekend في مارينا علاقتي بربنا بدأت تنقطع بالتدريج، وبعد ما كان بقالي ٦ شهور بصلي بانتظام بقيت مش بصلي غير العشاء بس، دا لو صليته أصلاً، لأن الظهر والعصر بكون نايم عشان سهران للصبح الساعة ٧ او ٨ اليوم اللي قبله، وبأصحى من السرير أنزل عالplage او الswimming pool، والمغرب طبعاً بيضيع وإحنا في المية، برجع أخدshower وأصلي العشاء لكن لو تعبان بكسل أصلي.. الفجر طبعاً بيضيع وإحنا في الcafé لأن الdj بيبقى عالي ومحدش سامع اللي جنبه فإزاي هنسمع الأذان؟

 

المهم أنا وصحابي في الseagull دلوقتي، وداخلين chill out، رغم أني مبحبش الnightclubs والdiscothèques عشان انطوائيتي والدنيا بتبقى زحمة إلا أن أغلب صحابي مصممين يدخلوا عشان متفقين مع بنات يعرفوهم. لكن المرة دي غير أي مرة. أخر مرة دخلت nightclub كان papa’s beach وministry of sound مع صحابي في الغردقة قبل وفاة أحمد بأسابيع قليلة، فدي أول مرة أدخل discothèque من ساعة ما أحمد مات وبدأت أتغير..

 

دخلت chill out. كالعادة، حسيت أني مخنوق.. طبيعي لأني مش بحب الزحمة ولا بحب الدوشة، ودا مكان زحمة ودوشة في نفس الوقت. ورغم أن المكان أسمه chill-out إلا أني مش حاسس أن في حد فعلاً بيchill-out، كل الناس بتمثل. مبحبش الfaking خالص، ومبحبش الحاجات تتسمي بغير مضمونها. حاسس أني مخنوق من الناس دي، قعدت عادي أتكلم مع حد من صحابي اللي مبيحبوش الرقص زيي.

 

بس الحقيقة النهاردة أنا مخنوق اوي اكتر من أي مرة، غير أني مش مبسوط هنا أنا أصلاً من ساعة ما جيت مارينا الصيف دا مش مبسوط، عادة كل سنة برضه مببقاش مبسوط.. لكن المرة دي في حاجة مختلفة..

 

الساعة جت ١٢:٠٠، الDJ شغل Satisfaction. الtrack دا كان عامل mania في مارينا ساعتها أكبر من هارلم شيك دلوقتي، فلما التراك أشتغل الناس كلها سخنت كأنه أخر تراك هيرقصوا عليه في حياتهم، وطبعاً لما الdj شاف الناس سخنت راح معلي الصوت جداً، ورغم أن وداني متعودة على صوت المزيكا العالي وكل أنواع الdance والrock والalternative والmetal بس فعلاً الصوت كان عالي بشكل غير طبيعي، رغم كدة الناس فضلت ترقص عادي كأنهم متخدرين.

 

كلمات التراك لفتت أنتباهي رغم أني بقالي أسبوع بسمعها ومش بركز فيها. أستغربت جداً، التراك جملة واحدة في قمة السفالة ورغم كدة لقيت كل الناس مبسوطة بيها، مش عارف إزاي، هل هما مش مركزين في الكلمات زيي؟ ولا عارفين ومش فارقة معاهم؟ جايز عارفين عشان كدة كلهم بدؤوا يرقصوا dirty؟ ولا عقلهم الباطن بس هو اللي فهم الكلمات وخلاهم يعملوا كدة؟ هل أنا اللي أتغيرت من ساعة وفاة أحمد وبقت كلمات زي دي بالنسبالي مش محترمة بعد ما كانت زمان عادية؟ في كل الحالات هما في غيبوبة، محدش مدرك حاجة..

 

في الmix اللي الdj كان مشغله كان التراك بيجي في الأخر ويكرر كلمة “Satisfaction” كل ٥ ثواني ويفضل كدة كتير. من خنقتي ومن كتر تكرارها بدأت أفكر في الكلمة دي من منظور “نفسي” وللحظات مبقتش حاسس بحاجة حوليا، وكل ما أسمع كلمة satisfaction أسأل نفسي سؤال..

 

Satisfaction … يعني إيه يحصلي Satisfaction؟

يعني أحس بالرضا؛ والارتياح والاكتفاء

 

Satisfaction … طب هل أنا satisfied؟

لأ طبعاً

 

Satisfaction … ليه؟

مش مرتاح.. حاسس أن في حاجة ناقصة

 

Satisfaction … مش مرتاح إزاي؟! إيه اللي ناقصك؟!

مش مرتاح نفسياً.. ناقصني الراحة النفسية، حاسس أن حياتي ماشية غلط

 

Satisfaction … وفيها إيه؟ ماتمشي غلط، ما صحابك والناس اللي حواليك ماشيين غلط أكتر منك.

لا فيها، أنا مليش دعوة بيهم، أنا زعلان من نفسي، حاسس أن ربنا مش راضي عني، كل مأجي أعمل حاجة ممتعة أحس أن ملهاش طعم، بالعكس، أحس أنها بتخليني مكتئب أكتر.

 

Satisfaction … وزعلان من نفسك ليه؟ وربنا مش راضي عنك ليه؟

عشان مبقتش أصلي ورجعت حياتي زي زمان ولا كأني اتغير فيا حاجة، بقيت كل خروجاتي مخنوق وعمال أرسم ابتسامة عشان مزعلش الناس اللي حواليا ولكني من جوايا متضايق، لا في الشاليه مبسوط ولا عالبحر مبسوط، ولا في المطاعم مبسوط ولا في الdiscothèque مبسوط، ولا مع ولاد مبسوط ولا مع بنات مبسوط، ولا مع أهلي مبسوط ولا لواحدي مبسوط..

 

أنا مرتحتش في حياتي زي ما من شهور لما كنت بصلي كل الصلوات في المسجد ومبنامش إلا لما أقرأ على الأقل آية من المصحف. يمكن الحاجات دي مفهاش مفهوم الfun اللي بقاله سنين جوايا لكني كنت ببقى نفسيتي فعلاً مرتاحة وأنا بعملها، على الأقل كنت لما أجي أنام ببقى مطمئن مش قلقان ومتوتر، وكنت لما أصحى بحس أني كنت مستجم مش “مخمود”، وكنت لما باكل بحس أني بtaste الأكل مش ببلع، وكنت لما أرش perfume بحس أن الsmell بتاعتي بقت زي روحي حلوة مش أني بداري بيها على روحي الشريرة..

 

صاحبي: مالك يا عمرو؟

بصيت لصاحبي لقيته مقرب لي اوي وبيبص ليا بشفقة.. فضل يكرر السؤال كذا مرة، لثواني مفهمتش في ايه، بعدها أكتشفت أن عيني فيها دموع وبعيط..

 

بصيت حواليا لقيت الناس لسة بترقص الرقص الجنسي على نفس التراك المقزز. كان في شباب وبنات قاعدين على شمالنا لقيتهم برضوا بيبصوا عليا بشفقة ومستغربين أني بعيط..

 

مسحت دموعي وقمت خرجت برة قعدت على البحيرة اللي عند نادي السيارات، الدنيا كانت في قمة الهدوء ورغم أني سامع صوت المزيكا المكتوم جاي من ورايا إلا أن صوت مياه البحيرة كان أعلى وأجمل.

 

إذا كان رضا ربنا بالنسبالي حاجة مهمة فليه قطعت اتصالي عنه وبطلت أصلي؟ للأسف بعد ما كنت أقرب ما أكون لربنا وقعت تاني وآدي أخرتها قاعد في discothèque والناس حوليا عمالة تشرب خمور ويرقصوا، إزاي رجعت للحياة دي تاني؟

 

أنا كنت عارف أني بقع بالتدريج بس معرفتش أعمل إيه. 

 

شوية لقيت صاحبي جاي

 

صاحبي: مالك يا عمرو، في ايه؟

أنا: عادي متضايق

صاحبي: متضايق من إيه طيب؟

أنا: مش عاجبني الجو جوه

صاحبي: عشان الرقص والشرب وكدة؟

أنا: آه

صاحبي: طيب أنا زهقت برضه، تعالى نروح نعمل حاجة عدلة، هكلم العيال أقولهم أننا ماشيين

 

طبعاً صحابنا مسمعوش الموبايلات من صوت الdj، ومحسوش بالvibration لأنهم بيرقصوا فمشينا وسبناهم..

 

رحت أنا وصاحبي اتعشينا، بعدها جبنا زلابيا من “زيزينيا” ورحنا ناكلها على اللسان اللي عند jomana، ولأول مرة من ساعة ما الصيف بدأ حسيت أني رجعت أtaste الأكل تاني وأني – مؤقتاً – satisfied.

 

الصيف دا تقريباً عدى على خير ورمضان شحني شحنة إيمانية قوية لسنة قدام، بس للأسف بعد الصيف ورمضان بشهور بدأت الشحنة الإيمانية تخلص بالتدريج وبدأت، تاني، أرجع عمرو بتاع زمان، شخصية cocktail؛ أصلي شوية وأبطل شوية، أقابل صحبة السوء شوية وأقابل صحبة صالحة شوية، أشوف رسائل ربنا وأطنشها شوية وأشوف رسائل ربنا وأندم وأبكي وأرجع.. وبعدين أبعد تاني.. دوامة، فضلت كدة ٣ سنين، زي ما لفيت في دواير في الثقافة الشرقية والغربية، لفيت في دواير لما دخلت في سكة الدين، والسبب أني لحد دلوقتي معرفتش “أصول الإلتزام”..

My name is Amr Ali Ibrahim. I'm an Egyptian dentist, digital marketer, and novelist from Cairo, born in 1986 and graduated from ASU Dental School in 2009. The novel "مارينا.. كان يا مكان" is considered my first published print book, and I have some other works that are not published as prints yet, however, I've published them on this website.

“From day to day, my journey, the long pilgrimage before me. From night to night, my journey, the stories that will never be again. No day, no night, no moment can hold me back from trying. One flag, one fall, one falter, I’ll find my day maybe Far and away. One day, one night, one moment, with a dream to believe in. One step, one fall, one falter, find a new world across a wide ocean. This way became my journey, this day brings together, far and away…”

— Enya, Far and Away

Subscribe to my Newsletter

Would you like to get the occasional newsletter right to your email?