الفصل رقم ٨: سيدرا .. جميلة الجميلات

الفصل رقم ٨: سيدرا .. جميلة الجميلات

وصلنا سيدرا، أحد رموز المثالية في قلبي. ركنا العربية ونزلنا.

 

اتجهت للمدخل بخطوات هادئة رغم شدة شوقي للدخول. نظرت لواجهة المكان متأملاً في الكلمة الذهبية.. سيدرا.

 

مسكت مقبض الباب في شعور بالشجن لأخر مرة كنت هنا منذ أسبوع. فتحت الباب ودخلت وأنا في قمة السعادة، والرجل الفرنسي بداخلي يبتسم.

 

المكان لم يكن مزدحماً ولم يكن فارغاً، الأضواء لم تكن مبهرة ولم تكن خافتة، الأصوات لم تكن مزعجة، درجة الحرارة معتدلة، كان الجو مثالي تماماً.

 

تأملت العاملين بالمحل، سمت الألتزام الديني واضح علي بعضهم، لكني عارف أن حتى غير الملتحين منهم مبيسبوش صلاة المسجد. في سيدرا بمجرد ما الأذان بيأذن المحل بيقفل وبتتحط لافتة واضحة “مغلق للصلاة” والعمال كلهم بيروحوا يصلوا في المسجد اللي جنبهم. الموضوع ده بيخلي معظم الزبائن اللي موجودين وقت الصلاة يروحوا يصلوا في نفس المسجد. سيدرا ليست فقط متدينة، وإنما هي بسمتها قدوة.

 

اتمشيت أتأمل المكان. بصيت على الحلويات الشرقية في نهاية المحل ورجعت اتفرج على الcakes و الtarts. تناغم رائع، جمعت سيدرا أحلى ما في الثقافة الشرقية والغربية من غير ما دا يأثر على هويتها الإسلامية، هي مثالية الفكر.

 

كل ما في سيدرا منظم ونظيف ومتقن الصنع من أجود أنواع الدقيق. حتى لو لم يعجبك شكل بعض المنتجات فإنها لأصالة مكوناتها جودتها تطغى عليها وتشغلك عن مظهرها، بل تؤصل لمعني جديد للجمال الظاهر في قلبك فتراها عيناك مع جمال جوهرها جميلة المظهر، ويصبح مظهرها نفسه معياراً عندك للجمال الظاهر بقية حياتك. نعم، سيدرا جميلة حقاً، وغصباً عن كيد النساء وشهوات الذكور.

 

لكن هل سيدرا موجودة في شكل بشر؟

 

وهل أصلاً الشباب المسلم بيبص ل”فتاة الأحلام” بالنظرة دي عشان البنت المسلمة تسعى أنها تبقى كدة؟

 

مثلاً لما الشباب يتريقوا على صاحبهم أنه رايح يصلي او “مبيشتمش” او مبيحبش حد يشتمه بالأب والأم، ليه بينتقصوا من البنت لما يلاقوها بقت صايعة؟ مش أنت اللي فهمتها أنك مبتحبش الأدب؟

 

ولما الشباب في المدرسة او الجامعة او في الcafé يبصوا لصاحبهم المتفوق المثقف على أنه nerd، ليه يتريقوا على البنات أن مخها فاضي؟ هو مش أنت اللي فهمتها أنك بتحب المخ الفاضي؟

 

او مثلاً ردود أفعال الشباب في مصر على البنات اللي بتبقى لابسة لبس مش محتشم وتسمياتهم ليهم.. صاروخ.. قنبلة.. إلخ.. ما دمنا إحنا كشباب بنكافئ البنات اللي بتلبس كدة بمسميات زي دي فإيه اللي يخلي البنات تلبس محترم؟

 

ورغم أن البنت المسلمة مش معنية بنظرة شباب مجتمعها ليها وإنما معنية بأوامر ربنا وبس إلا أن الفكر المنتشر بين الشباب في مجتمعنا دا بيصعب على أي بنت مهما كانت كويسة أنها تبقى مؤدبة او مثقفة او عندها ثقة بجوهرها عن شكلها.

 

رجعت لأخويا وأختي اللي وقفوا عند تلاجة الgateaux بيختاروا منها. تأملتهم وأنا في قمة السعادة، أهلي يشيروا بأصابعهم إلى قطعة gateau مثالية ويمدحونها، زاد هذا المشهد مثالية المكان مثالية. متى يتحقق هذا الحلم الجميل؟

 

أجابتني نفسي: السؤال الأهم هو كيف يتحقق هذا الحلم؟ من أبسط مبادئ التعامل مع الله هو أن الجزاء من جنس العمل، فهل أنا أستحق سيدرا أصلاً؟

 

بالطبع لا، وإلا ما كنت أخرت زواجي كل هذه الفترة. دلوقتي مش وقت أني أقعد أقول “هيا فين سيدرا؟”، أنا محتاج أجتهد مع نفسي دينياً وفكرياً واجتمعياً بحيث أني أبقى مثالي، عشان لما ألاقى سيدرا هيا كمان تلاقيني.

 

وقعت عيني على gateau الstrawberry التي أحبها. أخترتها.

 

العامل أدانا الإيصال وحاسبنا وأستلمنا الحاجات ومشينا.

My name is Amr Ali Ibrahim. I'm an Egyptian dentist, digital marketer, and novelist from Cairo, born in 1986 and graduated from ASU Dental School in 2009. The novel "مارينا.. كان يا مكان" is considered my first published print book, and I have some other works that are not published as prints yet, however, I've published them on this website.

“From day to day, my journey, the long pilgrimage before me. From night to night, my journey, the stories that will never be again. No day, no night, no moment can hold me back from trying. One flag, one fall, one falter, I’ll find my day maybe Far and away. One day, one night, one moment, with a dream to believe in. One step, one fall, one falter, find a new world across a wide ocean. This way became my journey, this day brings together, far and away…”

— Enya, Far and Away

Subscribe to my Newsletter

Would you like to get the occasional newsletter right to your email?